#مقال / خبر عاجل! #بقلم/ جابر حسين العماني

اخبار الولاية
لا تمرُ ساعةٌ من ساعات الليل والنهار إلا وتسمع فيها الكثير من الأخبار العالمية التي يكتب على بعضها “خبر عاجل”، سواء على صعيد الاقتصاد، أو السياسة، أو المُجتمع، ومن خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كالإذاعة والتلفاز، تلك المحطات الإعلامية التي تسعى جاهدة للوصول إلى عقول النَّاس ونفوسهم بشكل سريع كسرعة البرق الخاطف، تلك السرعة التي أوقعت كثيراً من وسائل الإعلام في أخطاء لا تغتفر، فأصبحت أكثر تلك الأخبار مُلفقة، فضلاً عن تزويرها وفبركتها أحياناً أخرى، بهدف الوصول إلى الشهرة السريعة التي لا تغني ولا تُسمن من جوع، والتي جعلت الكثير من أبناء الشعوب العربية والإسلامية يعيشون حالة من الشتات والاضطراب الفكري وتضارب المعلومات ما بين مُصدِّق ومُكذِّب.لذا ينبغي على الإعلام أن يكون إعلاماً نزيهاً، صادقاً، مكافحاً للأخبار الكاذبة والمُلفقة والمزورة والمفبركة؛ التي يراد منها تضليل المجتمع العربي، وقد أكد على ذلك رسول الأنام (صلى الله عليه وآله) عندما قال: (إِذَا حَدَّثْتُمْ فَلاَ تَكْذِبُوا) وقال (صلى الله عليه وآله): (مَنْ كٰانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَاَلْيَوْمِ اَلْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ). واليوم هناك الكثير من القنوات الإعلامية التي أصبحت جزءاً من الحرب الباردة التي تعرض الخبر العاجل بشريط أحمر عريض على أنَّه خبر صادق، وهو في الواقع خبر كاذب لا صلة له بالصدق، وإنما تمت دراسته بشكل دقيق لينشر بعد ذلك عبر الوسائل الإعلامية المختلفة لتغذية العقل العربي بالأهداف المقررة للجهات التي تتبعها وسائل الإعلام الناقلة للخبر، وتعمل على اهتزاز العقل العربي وإضعافه، بحيث يسير بما يُريده أعداء الأمة الإسلامية لا بما يُريده ديننا الحنيف وقيمنا وتعاليمنا الإسلامية السمحاء.وبذلك فإنَّ الأمة العربية والإسلامية اليوم بحاجة ماسة إلى الإعلام النزيه الصادق، الذي يرفع من وعي المجتمع، ويقدم له الكثير من رسائل الرقي والثقافة والعلم والإبداع، الإعلام الذي لا يهتم بالأرباح بقدر اهتمامه بنشر المعرفة من خلال الأخبار الصادقة والقيم والمبادئ الإنسانية السامية.. وهنا لابد من التوقف قليلا عند بعض الإعلاميين الذين أصبحوا مع كل الأسف أبواقاً تردد ما يقوله أعداء الأمتين العربية والإسلامية، غير مهتمين بنشر المحبة والمودة والترابط والتآزر والحوار بين أبناء المجتمع العربي، فتراهم ينعقون وراء كل ناعق ناشرين سمومهم تحت عبارة خبر عاجل، فهم تحولوا مع كل الأسف إلى خنجر مسموم في خاصرة الأمة العربية، وأصبحوا وأمسوا أبواقاً لتأجيج الفتن، وتزوير الحقائق، ونشر الأكاذيب والإشاعات المفبركة في أرجاء الوطن العربي، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}.من الواجب على شرائح المُجتمعات العربية والإسلامية الواعية التَّصدي لوسائل الإعلام الكاذبة المُعدة لتزوير وتشويه الحقائق الاجتماعية لضمان سلامة الأوطان والحفاظ على ما تبقى من سمعة وهيبة للوطن العربي والإسلامي، وذلك من خلال استغلال أجهزة الإعلام الوطني النزيه والصادق للأمتين العربية والإسلامية، واستغلاله علمياً وفكرياً، وذلك من خلال ضرورة إعداد الكوادر البشرية المخلصة المُتفانية في خدمة الأمة العربية والإسلامية، واعتبار ذلك من أهم الأولويات في صناعة الإعلام النزيه على النطاق الدولي والعالمي، ولاشك ولاريب أنَّ العالم العربي اليوم يمتلك طاقات جبارة من الخبرات والكفاءات ما يكفيه لمحاربة ومواجهة إعلام الفتن والضلال.وبعد كل ما تقدَّم لابد لنا من الثناء الجميل والشكر الجزيل للإعلام النزيه الأصيل الذي يعمل دائماً بحرفية وصدق وإنصاف وتوازن مهني ووطني، بهدف مُعالجة الكثير من القضايا والأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، من خلال نشر الأخبار العاجلة وغيرها التي تحتوي على الكثير من العلم والثقافة والدراية والمصداقية والفائدة التي يترقبها الإنسان العربي على الدوام، فهي حتماً منابر إعلامية هادفة تُواجه الكثير من التحديات والضغوط في سبيل البقاء على وفائها لهموم وقضايا الأمة، وهي تسير مجتهدة في خدمة القيم والمبادئ الفاضلة والأخلاق الكريمة، أمثال تلك القنوات الإعلامية الصادقة يجب دعمها واستمراريتها لإصرارها على تقديم الأخبار الصادقة البعيدة عن التضليل والملابسات الإعلامية.هنا يجب أن يعلم الجميع أنَّ القرآن الكريم حذَّر من خطورة اعتماد الأخبار الكاذبة التي لا تعتمد على مبدأ الصدق والشفافية والنزاهة، فقال تعالى: {إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} فلابد للإنسان أن يتبين كل شيء يصل إلى مسامعه وجوارحه، وأن يعتمد دائمًا على الإعلام الصادق الموثوق ليتأكد من صحة الأخبار التي تأتيه من هنا وهناك، وأن يعلم جيدا ليس كل منشور يذاع يحمل على الصدق وليس كل مسموع هو صحيح وموثوق، لذا على الإنسان أن يتبين جيدا ويتحرى الصدق ومنبعه، وأن يأخذ المعلومة من مصادرها الموثوقة لينعم بالحصول على الخبر اليقين الذي ينبغي أن يعتمده في بناء ثقافته الأسرية والاجتماعية والوطنية.يجب ألا يكون دور الإعلام التعتيم والتسويق والتلميع والدعايات السوداوية، بل يجب أن يكون عكس ذلك تماماً، فلابد للإعلام الصادق والنزيه من التعامل مع الإعلام الكاذب بذكاء ووعي ومسؤولية، حتى يستطيع نشر وترويج الخبر العاجل بصدق ونزاهة ومصداقية وشفافية فهي مسؤولية جسيمة لابد أن يتحملها الإعلامي والباحث والمحقق المنصف.