الزيارة الميمونة الأخيرة بقلم : رحمة بنت صالح الهدابية

اخبار الولاية
لا زلت أتذكر مظاهر الفرح و السعادة التي غمرتنا كأبناء المصنعة وقد غدت ولايتنا في ذلك اليوم السعيد كعروس فاتنة تنتظر فارسها المبجل؛ وذلك ابتهاجاً و استبشاراً بالمقدم السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – لرعاية العرض العسكري بمناسبة العيد الوطني الـ 49 المجيد بقاعدة سعيد بن سلطان البحرية. بدءاً من استيقاظنا الباكر و كأننا في يوم عيد مروراً بإردائنا الملابس الجديدة استعداداً للوقوف في الشارع لإستقبال الموكب السامي و انتهاءً بالحفل الوطني الذي أقيم بحصن الولاية والذي نظمه الأهالي احتفاءً بهذه المناسبة العزيزة و الغالية على قلوبهم، حيث تنوعت فقرات هذا الحفل الوطني بين قصائد وطنية صدع بها الشعراء وبين تأدية مجموعة من الفنون الشعبية التي بها ولاية المصنعة تخللتها وصلات غنائية أداها عدد من فناني الولاية و السلطنة معا للتعبير عن حبهم و ولائهم الصادق للقائد المفدى – طيب الله ثراه – و لأرضهم الحبيبة عُمان . و في غمرة و وسط هذه الأجواء و الأفراح البهيجة لم يتفطن أحدنا بأن هذه الزيارة ستكون هي الزيارة الأخيرة التي نرى فيها مولانا المعظم – رحمه الله – وهو مرتدياً بزته العسكرية التي اعتدنا رؤيتها عليه في مثل اليوم من كل عام على ما بدا عليه من آثار التعب و الإعياء بسبب المرض الذي أنهك جسده النحيل، ولكن فرحتنا الكبيرة بطلته البهية هذه أنستنا أن نتنبه لمثل هذه التفاصيل الدقيقة و الصغيرة ونحن نراه يقف شامخاً في العرض العسكري الأخير لا يبالي بما يعانيه من آلام و أسقام خوفاً على مشاعر شعبه المتعطش لرؤيته كما عهده شامخاً صلباً في كل عرض و مناسبة يرعاها. رحل سلطاننا المفدى – طيب الله ثراه – ولكن أثره باقٍ في قلوبنا رحل تاركاً إرثاً عظيماً خالداً ونهضة عمرانية و تنموية شاملة أساس لبناتها إنسان عمان؛ فرحمك الله يا مولاي وجمعنا بك في أعالي الجنان مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.