مقال : العنصرية أسبابها دافعها بقلم : حسين الشرقي

اخبار الولاية

كانت العنصرية على مدى التاريخ رايه لتبرير مشاريع التوسع والغزو والاستعمار والسيطرة وسارت مع التعصب والجور والعنف يداً بيد. وبالعودة إلى المصادر والمراجع التي عرفت العنصرية يمكننا أن نقول أن العنصرية هي إيديولوجيا أو نظره تجعل معتنقها يشعر بالتفوق للعنصر البشري الذي ينتمي إليه حيث وينشأ عن هذا الشعور سلوك عنصري. والعنصرية أيضاً هي نظرة تقوم على الإعتقاد بوجود تفاوت بين الأجناس واعتبار جنس معين هو أعلى من سائر الأجناس مما يبرر له الهيمنه على الاخرين، كما أن العنصرية هي ردود فعل واعيه أو غير واعية منبثقة من نظرة عنصرية تجاه الاخرين.
والموقف العنصري ينشأ عنه أمرين مرتبطين ببعضهما البعض، أولهما تقسيم البشر إلى فئات متفاوتة، والثاني تكريس الهيمنة على الفئات الضعيفة، وقد تطور التمييز العنصري من النظرة الدونية للآخر القائمة على اختلاف لون البشرة إلى رفض الاخر على اساس ما يمثلة من اختلافات ثقافية ولغوية ودينية. ومن اخطر مظاهر التمييز العنصري هي ما يعاني منه الإسلام من صورة مشوهه في البلاد الغربية حيث يُعرض على أنه الدين المخالف لما هو مقبول من العقائد والأديان أو على أنه الخطر الداهم الذي يجب الاحتياط منه ومقاومته إلى حد أن بعض المفكرين يتحدثون اليوم عن ظاهرة ” الاسلاموفوبيا. ” وفعلاً فأن الصورة التي تنشرها عدد من وسائل الإعلام التي تساعد على جعل الذهنية الغربية سلبية في نظرتها تجاه الاسلام و المسلمين ومن العجيب أن ينظر للإسلام وحده نظرة استغراب رغم الاحتكاك التاريخي المتبادل .
إن مناهضة التمييز العنصري بمختلف اشكالة هو منطق العقل السليم ونداء الفطرة الإنسانية، اذ لا يمكن لعاقل أن يستحسن أي سلوك عنصري مهما كانت مبرراته واذا عدنا إلى المنهج الإسلامي فإننا نجد فيه من القيم والمبادئ التي من شأنها أن تحصنّ الإنسان من كل سلوك وفعل عنصري وتقاوم فيه كل نزعه للتعامل العنصري. يقول الله تعالى مخاطباً الناس جميعاً ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير “
صدق الله العظيم .
إن الايه الكريمة على قِصرَها قد جمعت أهم المبادئ العامة التي يجب أن تحكم علاقة المسلم ونظرته لاخية الإنسان بقطع النظر عن أصله ومعتقده وثقافته وعاداته، بدأت الآيه بتوجيه الخطاب إلى الناس كل الناس وقد تكرر هذا النداء في القرآن الكريم في مواضع عديده إلى جانب الآيات الأخرى التي ورد فيها الخطاب للمؤمنين والمتضمنه غالباً للأحكام والتكاليف الشرعية. كما ورد أيضاً في القرآن الكريم افتتاح بعض الآيات بقوله تعالى ” يا بني آدم ” ، ومثل هذا النداء الموجه للإنسان ولبني آدم يدلنا على أن القرآن الكريم قد أكد بهذا على الصفه الإنسانية عند جميع البشر والتي هي صفه لا يختلف فيها أحد على أحد ولذا يجب علينا كشعوب وأفراد محاربة شتى أنواع العنصرية التي حرمها ديننا الإسلامي الحنيف، والذي يعطي كل ذي حق حقه دون النظر إلى الدين واللغة والعرق واللون ولا يميّز بين ذكر وأنثى، وكما قال رسولنا الأعظم “الناس سواسية كأسنان المشط”، “ولا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى”، ومن منبع عقيدتنا الإسلامية نرى روح التعاون ومدّ يد العون لكل ضعيف باختلاف أصولهم ومنابتهم فالدين عند الله المعاملة.