مقال : ميزانية الأسرة بقلم : عائشة بنت سليمان القرطوبي

اخبار الولاية

لأن البيت المسلم اللبنة الأساسية للمجتمع إهتم به الإسلام، فإن كانت هذه اللبنة قوية فإن البناء يكون قوياً سليماً ، و البيت تعيش فيه الأسرة المكونة من الوالدين و الأبناء، يعيشون في إطار و حدود معينة، يلتزمون بالشريعة الإسلامية. و لقد شرع الإسلام الكسب الطيب، فكل مسلم يعمل بوظيفة معينة من أجل كسب المال الحلال ليؤمن الحياة الكريمة له و لأسرته، فالعمل واجب شرعي و ضرورة بشرية، و قد أكد سبحانه جل جلاله على ذلك في قوله ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه و إليه النشور)، و أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من يأكل من عمل يده ( ما أكل أحدكم طعاماً قط خير من أن يأمل من عمل يده و إن نبي الله داؤود كان يأكل من عمل يده). و تضمنت الشريعة الإسلامية عدة قواعد تنظم العمل لأجل الكسب الطيب، و من هذه القواعد، أن العمل و الكسب مسؤولية الرجل ليكفي مصاريف الأولاد و الزوجة، و لا مانع من مشاركة الزوجة العاملة زوجها في مصاريف المعيشة برضاها و ليس إجبارياً، و لا يجب الإفراط في العمل على حساب الأسرة، فيجب أن يكون العمل في حدود الطاقات و الإمكانيات البشرية و الزمنية، حيث يجب أن يكون الجهد في العمل في ضوء الإستطاعة، ليعدل الرجل بين حقوق عمله و حقوق بيته و زوجته و أولاده، و كما أن للعمل قواعد، أيضاً للإنفاق قواعد، و الإنفاق هو : ( صرف المال الحلال للحصول على منافع مادية و معنوية مشروعة تساعد على تحقيق الإشباع المادي و الروحي). و من قواعد تنظيم الإنفاق أنه من مسؤولية الرجل الإنفاق على البيت و أولاده و زوجته و بإعتدال في حدود العادة و البيئة و في حدود الطاقات المالية بدون إسراف أو تبذير ، و بدون بخل، فمن المهم الموازنة بين الكسب و الإنفاق. فصفة البخل إذا زادت عن حدها قد يؤثر تأثيراً على الأبناء، فيشعرون بالحرمان، مما قد يؤدي إلى إنحرافهم، و الإعتدال في الإنفاق مهم جداً من أجل تتظيم ميزانية الأسرة. فمن مسؤولية المرأة تدبير شؤون البيت المالية، فتتولى تحديد نفقات البيت المطلوبة من مأكل و مشرب و ملبس و مسكن، و غيرها من النفقات لتحقيق الرخاء في البيت، و بسبب الغلاء في وقتنا الحالي يعاني أفراد الأسرة كثيراً، بحيث يصعب على ربة المنزل و الأب مواجهة الغلاء بميزانية معروفة و محددة، و يصعب إيجاد الحل للخروج من هذا المأزق، فما هو الحل؟ هناك بعض التعليمات يجب الأخذ بها، كي نستطيع جعل ميزانية الأسرة منظمة و في أمان ، و من أهمها :تأمل المشتريات التي تم شراءها هل نحن فعلاً بحاجة لها أم مجرد سلوك شرائي لإعجابنا بشيء لا لزوم له و أنه مجرد كماليات و ليس أساسيات. كما يجب ألا نلجأ دائماَ لشراء الوجبات السريعة، يكفي كتغيير مرة أو مرتين في الشهر، حيث أنه غالي الثمن منخفض القيمة الغذائية و مجهولة المصدر. و من المهم أن تكون كمية الطعام على قدر حاجة الأفراد بدون الإفراط بحيث لا تكون وجبة أربعة أشخاص لستة أو وجبة شخصين لأربعة، و ألا نلقي الطعام المتبقي في سلة المهملات و الإحتفاط بالطعام النظيف حفظ آمن. كما يجب أن نحذر من الإستدانة لتغطية النفقات و لنجعل هذا آخر الحلول كي لا نقع في مأزق مالي، و أن نذهب للتسوق مرة واحدة في الأسبوع و معنا ورقة بها كل المتطلبات حتى لا نقع تحت طائلة شهوة الشراء. و نحاول إستغلال عروض التخفيضات للشراء خصوصاً الملابس و الأحذية. و عدم الإفراط في تعدد أصناف الطعام في العزائم و الإعتدال في تقديم الطعام ذو القيمة الغذائية. هناك معلومة تفيد ( بأن الذهاب للسوق في حالة الشعور بالجوع، يسبب إفراطاً في شراء الأغذية ) . كما أنصح بالتأكد من أن قائمة الشراء تتفق مع الميزانية المالية المخصصة للشراء كي لا نتفاجأ بأن قيمة المشتريات أكبر من الميزانية المرصودة. و من المهم التعرف على القيمة الغذائية للسلعة المراد شراؤها و خصوصاً في حالة وجود مريض بسوء تغذية أو سمنة و غيرها من المشاكل الصحية. و ضع صندوق إدخار أمر ضروري لوقت الحاجة و المحن. و يجب تعليم الأطفال على تدبير المصروف بدون تبذير و بدون بخل و تشجيعه على الإدخار من خلال تحديد مصروف أسبوعي له مثلاً. و مشاركتهم مناقشة مصروفات المنزل، فهذا يساعد على تنشئتهم لتحمل المسؤولية و حسن التدبير، و مراعاة الوالدين، الترشيد في إستهلاك المياه و الكهرباء مهم جداً في تنظيم ميزانية الأسرة. فيجب ألا تترك المصابيح الكهربائية مفتوحة في الغرف التي ليس بها أحد، و كذلك الأجهزة التي ليس لها إستخدام. و عدم الإسراف في إستهلاك المياه بلا حاجة، مما يساهم في تقليص فواتير المياه و الكهرباء. و أخيراً أوجه نصيحتي بأن يكون هناك دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية، فهذا يساعد على تنظيم الميزانية بتسجيل الإيرادات و المصروفات لتفادي أي خلل و تداركه. أرجو أن أكون قد قدمت شيئاً بسيطاً قد يفيد في تنظيم ميزانية الأسرة. مع تمنياتي لكم حياة أسرية سعيدة و مطمئنة خالية من الهموم.