غرفة السخيبة، أحد أشهر معالم وادي القنوت وأكثرها صمودًا وشموخًابقلم: أحمد بن حمود السعيدي

اخبار الولاية
بعد أن تغادر قرية القنوت متجها بمركبتك ذات الدفع الرباعي إلى قرية الحيل، وبعد أن تعتلي (مجناب المعيكس)، وتنفض شيئًا من الغبار من على النافذة الأمامية للمركبة، سيظهر لك مشهدٌ قد يعود بك إلى أصالة وحضارة القرون الماضية، وستعود بك الذاكرة إلى قصص قصها عليك جدك أو جدتك أو أحد من معمري القرية، وستنظر بنظرة مزجت بين الدهشة والانبهار، وشيء من التعجب والإعجاب، ما أجمله من مشهد!مبنى أثري مربع الشكل بني بالحجارة والطين، ورصت ببعضها بإحكام وإتقان، وربما استخدمت معها مواد أخرى وخبأتها عنا السنون، يعرف محليا بـ (غرفة السخيبا) نسبة إلى بلدة السخيبا الواقعة على الطريق الرابط بين قريتي القنوت والحيل، تحيط به قمم من الجبال الشاهقة، والتي شكلت سورا عظيما من حوله، ومن تحته غابات من النخيل الباسقة شديدة الإخضرار. تصميم معماري سابق لعصره وقد يكون مستوحى من إحدى تلك القمم الشاهقة التي تعتليه، نفذته أيادٍ لا تنقصها مهارة أو خبرة وبأدوات من البيئة ذاتها، كل ذلك يوحي بأن هذه البقعة الهادئة عاش بين كنفها في تلك الحقبة الزمنية مهندس معماري عبقري سابق لزمنه، خلق من بيئته رمزا وإرثا خلدته السنوات، بقي يصارع تقلبات الطبيعة وظروفها القاسية. وما أن تقف بجانب ذلك المعلم إلا ويجرك ذلك الجمال إلى جمال آخر أخّاذ، بحرٍ آخر من بحور الجمال، حيث المياه الكبريتية ذات اللون الثلجي، وغابات النخيل، وساقية الفلج، والمياه المنسابة، والبركة المائية الشهيرة، والتي تعرف بالمضيق.رغم كل ذلك إلا أنه لا يزال الصندوق الأسود لهذا المعلم مفقود، فلا معلومات تشير إلى أي عصر يعود بناؤه، وما إذ كان مقرًا للحياة السياسية، أم إنه تحصين عسكري، أم كان منزلًا لأحد كبار القوم في ذلك الزمان، ولأن مصطلح غرفة ورد بدلالات ومعاني مختلفة في المعاجم العربية؛ لذلك يصعب علينا التكهن بدلالات تسمية هذا المعلم بالغرفة، فالأمر يتطلب فريق عمل متخصص من المختصين والباحثين في هذا المجال، يقوم بدراسته دراسة علمية دقيقة تجيب على كل التساؤلات. قد تكون معاناة الطريق التي يعانيها قاطنوا هذا المكان منذ سنوات ربما كانت معاناة أزلية منذ قرون، وهي التي حالت دون وصول المستكشفين وعلماء الآثار والرحالة، الذين زاروا عمان بكل أقاليمها، وقاموا باستكشاف الكثير من الآثار والمعالم القديمة، ودونوا عنها الكثير من التفاصيل، أمثال: ابن بطوطة، وبرترام توماس، والمستكشف الأمريكي ويندول فيلبس، وغيرهم.ربما كانت الظروف متشابهة مع اختلاف وسائل النقل بين الحقبتين، إلا أنه قد يكون القاسم المشترك بين هذه الحقبة وتلك ظل كما هو، والذي ليس بخافٍ على أحد، صعوبة الوصول إلى قرى وادي القنوت؛ لهذا ظل هذا المعلم والمعالم الأخرى كحصن الحيل وحصن القنوت وغيرها معالم الوادي مغمورة إلى اليوم.