#مقال: ‏ليس لأمي يوم..! بقلم :رحمة بنت صالح الهدابية

اخبار الولاية
و هل بوسعنا أن نوجز أو نختزل عطاءات أمهاتنا و تضحياتهن الكبيرة لنا في كتابة بعض الكلمات و الأشعار و كأننا بذلك قد أدينا حقهن العظيم علينا.فالأم آية من آيات الله – سبحانه و تعالى – و إلا فكيف لهذا الكائن الرقيق و الضعيف أن يقوم بهذه الأدوار الصعبة و العظيمة في آن واحد بكل حب و تفان و إخلاص من دون أن تتذمر أو تشكو من المشقة و الصعوبات التي تمر بها خلال فترة حملها بجنينها بدءًا من ظهور علامات حملها مرورًا بولادته و انتهاءً بفطامه مصداقاً لقوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} و هي في قمة سعادتها و حماسها لاستقبال مولودها الجديد مع ذلك لا تنسى واجباتها الأخرى تجاه زوجها وأسرتها. و هي الوحيدة التي تنسى نفسها و نصيبها من الدنيا بعد رؤية أبنائها سعداء منعمين بحياة كريمة و يبقى قلبها دائمًا حانيًا و عطوفًا عليهم لا ترضى على أذيتهم و لا تقوى على فراقهم و إن لم يبادلوها نفس مشاعر الرأفة و العطف و الحنان يبقون هم رأس مالها و العين التي ترى بهما هذه الحياة.  و هي أوفى و أصدق صاحب يمكننا مرافقته و مصاحبته طيلة حياتنا فمهما كثُر المعارف و الأصدقاء حولنا تبقى الأم هي الرفيق و السند الذي لا يخذلنا أبدا و المعين في وقت الشدة و الداعم الأول لنا بدعواتها المباركة و ربما حتى  بمالها لنحقق ما نريد. لذلك لا يوجد إنسان على وجه الأرض يستحق البر و الإحسان كالام  فهي الشمعة  التي تنير ظلمة البيت بنورها المنساب بكل أنواع المحبة و المودة بين أفراد الأسرة الواحدة و الأساس لكل ما هو جميل يظهر في هذا البيت من تربية حسنة و سمعة طيبة و نجاحات كبيرة يحققها الأبناء مستقبلا. و من يتنكر  لمآثر و أفضال أمه عليه أو يتجاهل لقيمتها الحقيقية يحاول أن يتخيل حياته بدون أم سيعلم حينها ما النعمة التي هو فيها بوجود أمه بجانبه و كيف أن لبعض ممن فقد أمه يتمنى ولو لحظة عودتها إليه ليبرها ؛ فيكفي أنها هي سبب وجودنا في الحياة وأن رضاها مقرونٌ برضىٰ ربنا لقوله تعالى : {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} وقُدمت كذلك في البر عن الأب كما في الحادثة الشهيرة التي رواها لنا الصحابي الجليل ابو عن أبى هريرة – رضى الله عنه- عندما قال: ((جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله.. من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك))فليس لأمي يوم نحتفي أو نحتفل بها فكل الأيام بها تحلو و تزهو و برّها و الإحسان إليها ليس مقروناً بيوم بعينه وإنما هو واجب علينا و مهما كثرت عطايانا و هدايانا لها فهي تعد نقطة في بحر عطاءها الذي غمرتنا به منذ نعومة أظفارنا و إلى الآن.