#مقال/”فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا من قَوْلِهَا” بقلم/جابر حسين العماني

اخبار الولاية
يرسمها الإنسان على وجهه في كل يوم، لها أثر عظيم في تعامله وتواصله مع الآخرين، يستطيع من خلالها أن يشعر الجميع بالراحة والسكينة والرضا والسعادة والسرور، هي وظيفة أخلاقية واجتماعية ملحة لا بد للإنسان أن يستفيد منها ويخلص لها ويتفاعل معها، كما أخلص وتفاعل معها الأنبياء فما هي يا ترى؟، الجواب: هي الابتسامة المشرقة الكريمة الرائعة التي بها يحيى الإنسان حياة السعداء، بل ويستطيع من خلالها الدخول إلى قلوب الناس متى ما شاء، هي المحبة والرحمة والرأفة والمودة لمخلوقات الله أجمعين. قال تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا}.. وروي عن أبي الدرداء قال: (كان رسول اللَّـه صلى الله عليه وآله وسلم يُحَدِّثُ حَدِيثًا إِلَّا تَبَسَّمَ).. على الإنسان أن يعلم أن الله تعالى لم يخلق له الفم بما فيه من أسنان ولسان وشفتين ليأكل ويشرب ويثرثر به فقط، وإنما خلق الله تعالى الفم ليصنع الإنسان به ابتسامته الرائعة التي لها الدور الكبير في خلق شخصيته المميزة في أسرته ومجتمعه. اشارت الأبحاث العلمية والنفسية أن الابتسامة التي يرسمها الانسان على وجهه في كل يوم يستطيع من خلالها تخفيف الكثير من الضغوطات النفسية التي تصيبه في عالم الحياة، بل وترفع من مستوى الرضا والراحة لديه، وتحسن وتعدل مزاجه المتعكر من مشاكل ومصاعب الحياة، وتبعده عن خطر القلق والاكتئاب، والابتسامة لا تعود على الإنسان في الحياة الاسرية والاجتماعية إلا بالصحة النفسية والجسدية، فهي تعمل دائما على تحفيز الأجسام المضادة داخل الجسم وتعزز صحة الجهاز المناعي لدى الإنسان. عرفت الابتسامة منذ أن خلق الله تعالى الإنسان، انها معدية للغير كما كشفت ذلك دراسة سويدية تقول من الصعب إصابة الناس بعبوس في وجوههم حين يرون الناس الآخرين يبتسمون، فالابتسامة حركة بسيطة جدا ولكن يستطيع فهمها الجميع على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم . نشرت مجلة أمريكية دراسة لعالم النفس الألماني ورائد العلاج بالفكاهة الدكتور مايكل تيتز إلى أن الدراسات كشفت أنه يمكن للأطفال أن يبتسمون في اليوم الواحد من ثلاث مائة الى أربع مائة مرة بينما يبتسم الكبار أربعة عشرة مرة في اليوم، وان دل ذلك على شيء فيدل على قساوة الحياة وظروفها الصعبة التي استطاعت أن تنسي الكثير من البشر معنى الابتسامة وجمال سحرها. يستطيع الإنسان بابتسامته ادخال الكثير من السرور والفرح إلى قلوب الآخرين وذلك في حد ذاته يعتبر نوع من أنواع العطاء، فالإنسان بحاجة ماسة للسرور والفرح لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية كاضطرابات القلب والاكتئاب وغيرها من الأمراض المتفشية في زماننا الحاضر.. يقول الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي: هَشَّت لَكَ الدُنيا فَما لَكَ واجِماً**وَتَبَسَّمَت فَعَلامَ لا تَتَبَسَّمُ المطلوب من الإنسان اليوم في داخل اسرته وخارجها أن يكون مشرقا بابتسامته، فالابتسامة لها فوائد عظيمة وكثيرة تؤدي إلى السعادة والسرور أذكر منها: • تعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية بين الناس بمختلف طبقاتهم الاجتماعية وظروفهم الحياتية.. • تعمل على تخفيف الكثير من الأعباء والضغوطات النفسية التي يمر بها الانسان في الحياة.. • تعمل على زيادة جمال وبهاء الوجه وبساطته وأناقته بين الناس، بعكس الوجه العبوس فهو لا يمنح الناس إلا إزعاجا.. • تعمل على زيادة فترة مرحلة الشباب فالإنسان المبتسم يعيش شابا حتى في مرحلة هرمه.. • تعمل على تعزيز الطاقة الايجابية لدى الإنسان فتجعله بعيدا عن الكثير من السلبيات الضارة والمدمرة لحياته الاسرية والاجتماعية.. على الإنسان أن يجرب الابتسامة باستمرار، خصوصا عندما تعصف به المشاكل الأسرية والاجتماعية، عليه أن يقف على أثر جمال وأهمية الابتسامة وسحرها البديع الذي ينسيه الكثير من الآلام والمحن والهموم، كما عليه أن يبتسم لمن حوله من رفقاء العمل والجيران والأصدقاء والأرحام فكل أولئك هم بحاجة ماسة إلى الابتسامة الجميلة التي تسعدهم وتخرجهم من هموم وغموم الحياة وبلائها.. فقد ورد في الحديث عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: >اَلْمُؤْمِنُ بِشْرُهُ فِي وَجْهِهِ وَحُزْنُهُ فِي قَلْبِهِ<.. وحث الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام على أهمية ممارسة الابتسامة في الحياة الاسرية والاجتماعية فقال: >إذا لَقيتُم إخوانَكُم فَتَصافَحوا، وأظهِروا لَهُمُ البَشاشَةَ وَالبِشرَ؛ تَتَفَرَّقوا وما عَلَيكُم مِنَ الأوزارِ قَد ذَهَبَ<.. أخيرا على الإنسان أن يعلم أن الابتسامة هي علامة للإخاء، وخطاب مودة وحب وود وسخاء، تخرج من القلب إلى القلب بجمالها، فيكون صاحبها من أعظم الكرماء، فلنحرص جميعا على اشاعتها بين أفراد المجتمع لتكون دائما مفتاحا للقلوب وكنزا من كنوز الألفة والمحبة والترابط بين الناس.