مقال : كورونا يفرق أعز الناس بقلم : عائشة سليمان القرطوبي

اخبار الولاية

قصص كثيرة مرت علينا خلال جائحة كورونا تشتت أحبة و أقارب و تباعدوا ، ودعوا أقرب و أعز الناس عليهم دون أن يكونوا معهم ، وقلوبهم تعتصر ألماً وحسرة على فراق أحبائهم ، لا حيلة لهم و لا قوة لفعل أي شيء من أجلهم ، و يلقوا كل لومهم على كورونا .
كثرت أخبار الوفيات. وفاة تلو وفاة. جنازة تلو جنازة فلان تم نقله للعناية المركزة، فلانة توفيت ، إبن فلان في ذمة الله ، قلوب تتألم و نفسيات متعبة مما نعيشه . تيتم أطفال ، ترملت نساء ، أغلقت بيوت أصبحت بلا أصحابها ، فارقنا أحبة و أعزاء على قلوبنا .
تلك القصص كانت بيننا وسمعناها وحدثت مع أصحاب ومعارف وأقارب ، وحتى صفحات الجروبات على مواقع التواصل الاجتماعي لم تتوقف عن مشاركات الأبناء لصور أهاليهم ، وطلب الدعاء لهم ، والترحم عليهم، ومنهم في بلاد الغربة يعتصرون ألماً عليهم .
إن أزمة كورونا قلبت كل الموازين ، أصبح شعورنا أن “كورونا” لم تعد فيروسا ، بل أصبحت مثل الطوفان الذي يأخذ كل شيء بوجهه ، دمرت دولاً واقتصاداً وحياةً اجتماعية ، فهو شيء جاء مثل الزلزال لم يكن في الحسبان ولم يتوقعه أحد .
الناس مصدومة تنظر دون وعي ، ولا تعرف ماذا يحدث ، “كورونا” جاء أخاف الناس و أرعبهم و فرقهم ، وغير عادات مجتمعات كثيرة بفرضه طريقة حياة جديدة ومختلفة عن السابق .
منهم من حُجز ، ومنهم من فقد أعزاءه، ومنهم من تقطعت بهم السبل ، حالة من الرعب سادت العالم كله ، لم تمر دولة دون أن يصيبها ويخلق فيها المآسي والأحزان ، كورونا خلق حالة من التفكك والتجزئة ، فالآخر يكون ببيت مجاور لبيت أخيه ولا يستطيع زيارته ، الفرح فيها ممنوع والعزاء ممنوع.
في ظل حالة من الذهول والصور المأساوية التي نراها لا بد من أن نقف وقفة من التأمل وننظر للأشياء بشكل واقعي و نفكر ، لا يزال حتى الآن غير معروف البعد لكل ذلك ، لكن الإنعكاسات النفسية و التوتر وخيبة الأمل والحزن التي يعيشها الناس على الاعزاء الذين فقدوهم دون أن يروهم أو يشاركوا بعزائهم ، هذه حالة محزنة ومؤلمة.
ولكن لا بد أن نتعايش مع الواقع ولا نستسلم للألم ، ويجب التعامل مع الواقع على أن الحياة رحلة ، ولا بد من التكيف مع معطياتها ، لمواجهة كل هذه الضغوط النفسية والإجتماعية والإقتصادية ، حيث أن حالات كثيرة كانت ضحايا لكورونا ، و لا زالت ، لكن لابد أن نتكيف مع ما حولنا ونخفف ونصغر المشكلة ، لتخفيف الضغط النفسي على الشخص.
قبل أي شيء تخيل أن تفقد أحد والديك دون أن تحظى بفرصة توديعه رغم أنك تعيش في البلد ذاته. تخيل ألا تستطيع الصلاة عليه بالمسجد أو إقامة مجلس عزاء.
تخيل أن تقف بعيدا مرتديا قفازين وكمامة وأنت تودعه لمثواه الأخير . تخيل أن يفرض عليك بعدها عزل نفسك عن الآخرين خوفاً من إحتمال نقل فيروس كوفيد19 الذي قتل شخصاً عزيزاً وقريباً منك ، فتتحول مصيبتك إلى مصدر قلق وخوف على من حولك .
و هذا واقع مر به الكثير من الناس ، منهم من فقد أمه و منهم من فقد والده ، و من فقد أخ أو أخت، أو إبن أو إبنة و ربما صديق و………… إلخ بسبب فيروس كورونا .
فوجب على الجميع الحذر و الحرص بالإلتزام بالإجراءات و الإحترزات الوقائية التي نصت عليها وزارة الصحة ، و عدم التساهل بالتجمعات بأنواعها سواء كانت إجتماعية أو عائلية ، كما يجب على الجميع التوجه لأخذ اللقاح في أسرع وقت و عدم التردد ، و لنكاتف جميعاً و نتعاون يداً بيد للحفاظ على أنفسنا و أهلنا و أحبتنا و مجتمعنا ، لنعدي و نتخطى هذه الأزمة بإلتزامنا و عدم التساهل و التهاون بأي إجراء يمككنا من الحفاظ على صحة الجميع و حمايتهم . خصوصاً و أننا نستقبل عيد الأضحى المبارك .
و ختاماً أقدم شكري وتقديري للجيش الأبيض على تضحياتهم و جهودهم التي لم نوفيهم حقوقهم و لن نستطيع أن نوفيهم إلا بإلتزامنا للتخفيف عنهم من عناء إكتظاظ المرضى في المستشفيات و التقليل من عدد الإصابات و الوفيات.
حفظ الله الجميع و كل عام و الجميع بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك اعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات.