مقال : مر العيد بصمت بقلم : عائشة القرطوبي

اخبار الولاية

عيد الأضحى مناسبة دينية و شعيرة من شعائر الله ممزوجة بمشاعر وجدانية و إيمانية ، و كما هو الحالمو على مر السنين يحتفل المسلمون بها في جميع أنحاء العالم ، كل حسب عاداته و تقاليده ، فيتبادل الأهل و الأصدقاء و الأقارب التهنئات و المعايدات ، كم مرت علينا أعياد و نحن نحتفي و نلتقي بالأهل و الأقارب و الأصدقاء ، و نتبادل الزيارات ، و الهدايا ، و أطباق الحلويات و الأكلات و العيدية ، لا شيء يعيق هذه الأجواء و العادات الجميلة ، نعانق و نقبل الجميع صغاراً و كباراً، إبتهاجاً و فرحاً بالعيد ، ينسى الجميع الزعل و العتب و الخصام في هذه المناسبة ، و تتصافى القلوب ، و يجتمع الأحبة بقلوب صافية و أرواح نقية محبة لبعضها البعض ، لا شيء يعكر هذه الأجواء ،
إلا أن كورونا أبى أن نحتفل كما تعودنا أن نحتفل و للعام الثاني على التوالي ، و شاء القدر ، أن إتخذت الحكومة الرشيدة تدابير إضافية صارمة ضمن إجراءاتها السابقة لتحجيم جائحة فيروس كورونا في وطننا الحبيب ، هذا العام نستقبل عيد الأضحى في ظل ظروف إستثنائية بسبب جائحة كورونا ، وذلك عقب التزايد الرهيب لحالات الإصابات اليومية والتي تجاوزت ألف إصابة يومياً. و إرتفاع أعداد الوفيات ، و تقرر إعتبارا من أول أيام عيد الأضحى تمديد الحظر و منع التجول منعاً باتاً ، لرابع أيام العيد .
حيث إقتصر إحتفالنا بالعيد في بيوتنا ، بعيداً عن الأهل و الأقارب و الأصدقاء ، إقتصر إحتفالنا على التواصل و التهاني و المعايدة عبر الإتصال هاتفياً و التواصل عبر مختلف برامج التواصل الاجتماعي ، في هذا العيد ، خلت الشوارع من السيارات ، بعد أن كانت مزدحمة ، و تتعالى بها أصوات أبواق السيارات ، خلت الطرقات في القرى و الحارات ، بعد أن كانت تضج بتجمعات المهنئين و المعايدين و مسيرهم نحو أحبهم للتهنئة ، منهم من هم في سياراتهم و منهم من هم سيراً على الأقدام ، يتسابقون لتقديم التهاني و التبريكات ، خلت جميع المناطق ، و خلت الشوراع و الحارات من تجمعات الأطفال بلباسهم الجميل و ألوانها الزاهية و أصواتهم الرقيقة و هتافاتهم الرنانة ، التي كانت تعم أرجاء المكان في مختلف الأزقة و الأروقة ، يبتهج الجميع لسماع أصواتهم و رؤيتهم ، يجوبون الحارات بيتا بيتنا ، يوزعون تهاني العيد و يلملمون العيدية من الجميع ، يركضون تارة و يضحكون تارة و يقفون تارة ليعدوا العيدية و يتفاخرون فيما بينهم بما جمعوا من عيدية. ليزداد العيد بهجة و سعادة بسعادتهم .
عيدنا هذا مر بدون أن نلتقي أو نجتمع ، ليس سوى أن نبث أشواقنا و تهانينا و تبريكاتنا ، عبر شاشات الهواتف ، بينما لا يشعر البعض بفرحة العيد لفقد عزيز بكورونا ، و لازال البعض يتلقى و خلال أيام العيد خبر وفاة عزيز عليهم ، ليقضوا العيد بحزن و ألم و غصة الفراق ، مضى العيد بصمت حزين ، أغلقت فيه المحلات التجارية بكافة أنشطتها ، أغلقت الحدائق و المنتزهات ، غيم الهدوء و السكينة ، حزين أنت يا وطني على أبناؤك ( ضحايا كورونا ) ، حزين أنت يا وطني ، تفتقد مظاهر الحياة ، و مظاهر بهجة العيد ، عم أرجاؤك الهدوء ، و ساد مساؤك السكينة ، خلت طرقاتك و شوارعك من المارة و السيارات ، باتت ساحاتك في مختلف بقاعك يا وطني تخلو من تواجد أبناؤك ، حيث بقوا و من يقيم على أرضك الطاهرة في بيوتهم ، إلتزاماً و تلبية لندائك يا و طني الحبيب ، لتتجدد فيك الحياة بالصحة و العافية و يدوم فيك الأمن والأمان و السلام ، و لتكون دائما بخير يا وطني ، معافى من كل سوء و مكروه . حفظك الله أرضاً و سلطاناً و شعباً. و رحم المتوفين و غفر لهم و أسكنهم فسيح جناته ، و ألهم ذويهم الصبر والسلوان .
و عسى أن يكون هذا آخر حظر يا وطني ، و كلنا أمل ببزوغ فجر سعيد ، مشرقاً مبشراً برحيل كورونا للأبد ، و بلا عودة ، عسى أن تضعف قوته بإلتزامنا و قوة تكاتفنا و تعاوننا و حبنا و إخلاصنا لوطننا ، ليجدنا أقوى من سرعة إنتشاره و حدة قوته ، عسى أن ينكسر كورونا أمام إستمرارنا بإلتزامنا بالحظر و الإجراءات الإحترازاية و الوقائية . بإذن الله تعالى و قدرته و بإرادتنا و عزمنا و إصرارنا سنهزمك يا ( كورونا ).
و كل عام و سلطاننا المفدى و جميع أبناء عمان الأوفياء المخلصون و جميع المقيمين على أرض وطننا الغالي بخير بمناسبة العيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعليكم و على جميع الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات و الجميع يرفل بالصحة والعافية و بلا ( كورونا ) .